للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أَوْرد هذين الحديثين عن معاذين المذكورين وإن كانا لا يَصْلحان للاحتجاج لأصحابنا من حيث أن فيهما تسليمتين، ولكنهما يصلحان من حيث أن فيهما أن الوتر ثلاث ركعات، وأما أمر التسليمتن فإنه يُجيب عنه عن قريب إن شاء الله.

ص: فهؤلاء جميعًا من أصحاب النبي - عليه السلام - كانوا يوترون بثلاث فمنهم من كان يسلم في الاثنتين منهن، ومنهم من كان لا يسلم.

فلما ثبت عنهم أن الوتر ثلاث؛ نظرنا في حكم التسليم بين الاثنتين منهن كيف هو؟ فرأينا التسليم يقطع الصلاة ويَخرُج المُسَلِّمُ به منها حتى يكون في غير صلاة، وقد رأينا ما قد أجمعوا عليه من أن الفرض لا ينبغي أن يفصل بعضه من بعضٍ بسلامٍ، فكان النظر على ذلك أن يكون الوتر كذلك لا ينبغي أن يفصل بعضه من بعض بسلامٍ.

ش: أشار بهؤلاء إلى الجماعة من الصحابة الذين أخرج عنهم أنهم كانوا يقولون: الوتر ثلاث ركعات ويوترون بثلاث، وهم: عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك ومعاذ القارئ ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وناس آخرون من الصحابة.

فهؤلاء كانوا يوترون بثلاث ركعات، غير أن منهم من كان يسلم في الركعتين وهم: معاذ القارئ، ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر على ما روى البخاري (١): من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "كان يسلم من الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته".

ومنهم من كان لا يسلِّم وهم: عمر بن الخطاب وابن مسعود وأنس وآخرون، وعلى كل حال ثبت عنهم أن الوتر ثلاث ركعات، وباقي الكلام ظاهر.

ص: فإن قال قائل: فقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي - عليه السلام - أنه كان يوتر بواحدة؛ فذكر ما حدثنا أبو بكرة بكار، عن أبي داود، قال: ثنا


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٣٣٧ رقم ٩٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>