للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في آخرهن، وتابعهم على ذلك عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، ولم ينكر ذلك منكر سواهم، وقد علم سعيد بن المسيب ما كان من وتر سعد فأفتى بغيره ورآه أولى منه، وقد أفتى عروة بن الزبير كذلك أيضًا، وقد روى عنه الزهري وابنه هشام في الوتر ما قد تقدمت روايتنا له في هذا الباب.

فهذا عندنا مما لا يبغي خلافه؛ لِمَا قد شهد له من حديث رسول الله - عليه السلام - ومن فعل أصحابه ومن أقوال أكثرهم من بعده ثم لِمَا اتفق عليه تابعوهم.

ش: أشار بهذا إلى بيان إجماع فقهاء المدينة الذين هم أهل فقه وصلاح وفضل ولا سيما الفقهاء السبعة المشهورون بالفضل التام، والعلم الغزير والدين المتين على أن الوتر ثلاث ركعات لا يسلم إلا في آخرهن، ثم إن مثل عمر بن عبد العزيز الذي هو من الخلفاء الراشدين الذين كانوا بالحق يعدلون قد تابعهم في ذلك وكفي به حجة في الدين، فإن قوله وفعله حجة بلا خلاف، وقد قال أحمد بن حنبل: لا أرى قول أحد من التابعين حجة [....] (١) عمر بن عبد العزيز، ولم ينكر ذلك منهم منكر ولا مِن سواهم، فصار إجماعًا على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن.

وعن هذا قال الحسن البصري: "أجمع المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن".

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): عن حفص، عن عمرو، عنه.

فإذا كان الأمر كذلك لا ينبغي لأحد خلاف هذا، وقد شهد له من حديث رسول الله - عليه السلام - ثم من فعل الصحابة من بعده كأبي بكر وعمر وعلي وأنس وعبد الله ابن مسعود وآخرين، ثم من اتفاق التابعين عليه، ثم من أتباع التابعين.


(١) كلمة غير واضحة في "الأصل" وليست في "ك".
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٩٠ رقم ٦٨٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>