ابن الجوزي: هو من الحفاظ الثقات، وكان يصلي كل يوم مائتي ركعة، وهو من أصحاب أبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة - رضي الله عنهم -.
ص: فلما كان هذا حكم التطوع، وقد جعلت ركعتا الفجر من أشرف التطوع وأكد أمرهما ما لم يؤكد أمر غيرهما من التطوع، وروي فيهما عن النبي - عليه السلام - ما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمَّد بن يزيد بن قنفذ، عن ابن سِيلان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إلا تزكوا ركعتيم الفجر ولو طردتكم الخيل".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: حدثني عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"إن رسول الله - عليه السلام - لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الفجر".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا حفص، عن ابن جريج، عن عطاء ... فذكر مثله بإسناده.
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة قالت: قال رسول الله - عليه السلام -: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
فلما كانتا أشرف التطوع كان أولى بهما أن يفعل فيهما أشرف ما يفعل في التطوع.
وقد حدثني ابن أبي عمران، قال: حدثني محمَّد بن شجاع، عن الحسن بن زياد، قال: سمعت أبا حنيفة -رحمه الله- يقول:"ربما قرأت في ركعتي الفجر جزءين من القرآن".
فبهذا نأخذ، لا بأس أن تطال فيهما القراءة، وهي عندنا أفضل من التقصير؛ لأن ذلك من طول القنوت الذي فضَّله رسول الله - عليه السلام - في التطوع على غيره.