ش: أي: قد جاءت الأحاديث عن النبي - عليه السلام - متكاثرة بالنهي عن الصلاة بعد العصر، وأراد بالتواتر معناه اللغوي.
قوله:"ثم عمل بذلك" أي بالنهي عن الصلاة بعد العصر أصحاب النبي - عليه السلام - وقد ذكر ها هنا جماعة منهم في ضمن الآثار التي رواها عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهم: السائب بن يزيد الكناني المدني ابن أخت النمر، حجَّ مع النبي - عليه السلام - وهو ابن سبع سنين، وذهبت به خالته إلى النبي - عليه السلام - وهو مريض فمسح برأسه ودعا له بالبركة، وتوضأ النبي - عليه السلام - فشرب من وضوئه ونظر إلى خاتم بين كتفيه.
وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر والبراء بن عازب ورافع بن خديج، وأبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فإن هؤلاء الصحابة الأجلَّاء كلهم رووا عن عمر - رضي الله عنه - منع الصلاة بعد العصر، وعملوا به أيضًا، فصار كالإِجماع منهم على ذلك، فحينئذٍ لا يبقى مجال للخلاف فيه، ولو لم يكن النهي فيه مؤكدًا لما ضرب عمر بن الخطاب المنكدر وغيره بالدرة على فعل ذلك، فلا يجوز حينئذٍ التقرب إلى الله بالفعل المنهي عنه.
ثم إنه أخرج الأثر في ذلك عن عمر بن الخطاب من عشر طرق صحاح:
الأول: رجاله كلهم رجال مسلم، عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن السائب بن يزيد الكناني الذي مرَّ ذكره الآن.
وأخرجه مالك في "موطإه"(١).
والمنكدر هو أبي عبد الله والد محمَّد بن المنكدر القرشي التيمي المدني، ولد على عهد النبي - عليه السلام - ولا تثبت له صحبة.
الثاني: على شرط الشيخين، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي صالح