للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله هذا يحتمل معنيين:

الأول: أن يكون فعله هذا هو التطبيق وحده، يعني يكون قوله: "هكذا فعل رسول الله - عليه السلام -" راجعًا إلى التطبيق وحده.

الثاني: يحتمل أن يكون قوله: "هكذا فعل رسول الله - عليه السلام -" راجعًا إلى التطبيق وإلى إقامة أحد المأمومين عن يمينه والآخر عن شماله.

فإذا كان الأمر كذلك نحتاج أن ننظر هل جاء شيء من الروايات ما يدل على شيء من ذلك؟ فنظرنا في ذلك، فوجدنا عبد الرحمن بن الأسود روى عن أبيه الأسود أنه قال: "دخلت أنا وعمي ... " الحديث، فدل هذا الحديث على أن قول ابن مسعود: "هكذا فعل رسول الله - عليه السلام -" يرجع إلى الاحتمال الثاني وهو أنه يدل على قيام أحد المأمومين عن يمينه والآخر عن شماله، وعلى التطبيق جميعًا، وهذا هو مذهب ابن مسعود وأصحابه، وروي أيضًا عن أبي يوسف، ومذهب الجمهور أن الإِمام يتقدم عليهما، وهو قول عمر وعلي وجابر بن زيد، وعطاء، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد.

ثم إسناد هذا الحديث صحيح، ورجاله ثقات.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): ثنا يزيد بن هارون، أنا محمَّد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: "دخلت على ابن مسعود أنا وعمي بالهاجرة، قال: فأقام الصلاة، فقمنا خلفه، قال: فأخذني بيدٍ وأخذ عمي بيدٍ، قال: ثم قدمنا حتى جعل كل رجل منا على ناحية، ثم قال: هكذا كان رسول الله - عليه السلام - يفعل إذا [كانوا] (٢) ثلاثةً".

قوله: "دخلت أنا وعمي" إنما ذكر "أنا" ليصح عطف قوله: "وعمي" على قوله: "دخلت"؛ لأن الضمير المرفوع المتصل لا يعطف عليه إلا بإعادة الضمير المتصل ليصير عطف الاسم على الاسم، وفي تركه يتوهم عطف الاسم على الفعل.


(١) "مسند أحمد" (١/ ٤٥١ رقم ٤٣١١).
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "مسند أحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>