الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي ... إلى آخره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): ثنا هشيمُ، قال: أنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن قال:"قدم علينا ابن مسعود - رضي الله عنه - فكان يأمرنا أن نصلي بعد الجمعة أربعًا، فلما قدم عليٌّ - رضي الله عنه - أمرَنا أن نصلّي ستًّا، فأخذنا بقول عليّ - رضي الله عنه - وتركنا قول عبد الله، قال: كنَّا نصلي ركعتين ثم أربعًا".
ص: وثبت بما ذكرنا أن التطوع الذي لا ينبغي تركه بعد الجمعة ستٌّ، وهو قول أبي يوسف إلا أنه قال: أحبُّ إليَّ أن يُبدأ بالأربع ثم يُثنَّى بالركعتين؛ لأنه هو أبْعد من أن يكون قد صلّى بعد الجمعة مثلها على ما قد نُهِيَ عنه، فإنه قد حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن سليمان بن مُسهِر، عن خَرشة بن الحر "أن عمر - رضي الله عنه - كان يكره أن يُصلّى بعد صلاة مثلها".
قال أبو جعفر: فلذلك استحبّ أبو يوسف -رحمه الله- أن يُقدِّم الأربع قبل الركعتين؛ لأنهن لسْن مثل الركعتين، وكره أن تُقدَّم الركعتان لأنهما مثل الجمعة.
وأما أبو حنيفة - رضي الله عنه - فكان يذهب في ذلك إلي القول الذي بدأنا بذكره في أول هذا الباب، والله أعلم.
ش: أي وثبت بما ذكرنا من الآثار المذكورة أن المستحب أن يصلي بعد صلاة الجمعة ستّ ركعات، وهو قول أبي يوسف والشافعي والثوري وآخرين -الذين ذكرناهم فيما قبل- إلا أن أبا يوسف قال: أحب إليَّ ... إلى آخره.
ثم إسناد الأثر المذكور صحيح، أخرجه عن يزيد بن سنان القزاز، عن عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري روى له الجماعة، عن سفيان