للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيى، عن أبي سلمة قال: "سألت عائشة عن صلاة رسول الله - عليه السلام - فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعةً، يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، وإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح".

وأخرجه أبو داود (١) والنسائي (٢) أيضًا.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: فيه دلالة على إباحة التطوع بعد الوتر، وهو حجة على من منع ذلك.

الثاني: احتج به الأوزاعي، وأباح ركعتين بعد الوتر جالسًا، وقال أحمد: لا أفعله ولا أمنع مَنْ فعله. وأنكره مالك.

قلت: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما - عليه السلام - بعد الوتر جالسًا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسًا، ولم يُواظب على ذلك، بل فعله مرةً أو مرتين أو مرات قليلة، ولا يغترّ بقول عائشة - رضي الله عنها -: "كان يصلي" فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين: أن "كان" لا يلزم منها الدوام والتكرار، وإنما هي فعل ماض يدل على وقوعه مرةً، فإن دلّ دليل على التكرار عُمل به وإلا فلا يقتضيه بوضعها، كذا قالوا، وفيه نظر، وقد مرّ تحقيق هذا في باب الوتر فليعاود إليه.

الثالث: فيه بيان جواز النفل كما ذكرناه، والله أعلم.

ص: حدثنا فهدٌ، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أن النبي - عليه السلام - كان يَقرأ في الركعتين بعد الوتر بالرحمن والواقعة".


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٤٢ رقم ١٣٥٠).
(٢) "المجتبى" (٣/ ٢٥٦ رقم ١٧٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>