قلت: أما أيوب فقد قال ابن عدي: يكتب حديثه، وعن يحيى: لا بأس به. وأما قيس بن طلق فقد قال العجلي: يمامي تابعي ثقة، وهكذا وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرج الترمذي (١) حديثه هذا: عن هناد، عن ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر، عنه.
وقال: هذا حديث حسن غريب.
والحديث الحسن يجوز الاحتجاج به، ولئن سلمنا إجماع ضعف أيوب بن عتبة، فقد أخرج الحديث من طريقين ليس فيهما أيوب، فافهم.
ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، أن النبي - عليه السلام - قال لأبي بكر - رضي الله عنه -: "متى توتر؟ قال: أول الليل بعد العتمة. قال: أخذتَ بالوُثْقَى، وقال لعمر - رضي الله عنه -: متى توتر؟ قال: آخر الليل. قال: أخذتَ بالقوة".
حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب:"أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنه - تذاكرا الوتر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: أما أنا فأصلي ثم أنام على وترٍ، فإذا استيقظت صليت شفعًا حتى الصباح، فقال عمر - رضي الله عنه -: لكني أنام على شفع ثم أوتر من آخر السَّحَر. فقال - عليه السلام - لأبى بكر: حَذِرَ هذا، وقال لعمر: قَوِي هذا".
فدل قول النبي - عليه السلام -: "لا وتران في ليلة" على ما ذكرنا من نفي إعادة الوتر، ووافق ذلك قول أبي بكر:"أما أنا فأوتر أول الليل، فإذا استيقظت صليتُ شفعًا حتى الصباح".
وتركُ النبي - عليه السلام - النكيرَ عليه دليل على أن حكم ذلك كما كان يَفعلُ، وأن الوتر لا تَنقُضُه النوافل التي يُتنفّلُ بها بعده.