وأخرج أبو داود (١): نا محمَّد بن أحمد بن خلف، نا أبو زكرياء السَّيْلَحيني، نا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة "أن النبي - عليه السلام - قال لأبي بكر: متى توتر؟ قال: أوتر من أول الليل. وقال لعمر: متى توتر؟ قال: آخر
الليل. قال لأبي بكر: أخذ هذا بالحذر، وقال لعمر: أخذ هذا بالقوة" انتهى.
قوله:"حَذِرَ هذا" أي: احتاط حيث أوتر أول الليل خوفًا من عدم الانتباه، وهو معنى قوله أيضًا:"أخذ هذا بالحذر".
قوله:"قوي هذا" أي أخذ بالقوة والحزم حيث أوتر آخر الليل؛ لأنه كان متوثقًا من نفسه بالانتباه.
ص: وقد روي ذلك عن جماعة من أصحاب النبي - عليه السلام -:
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة قال:"سألت ابن عباس عن الوتر فقال: إذا أوترت أول الليل فلا توتر آخره، وإذا أوترت آخره فلا توتر أوله. قال: وسألت عائذ بن عمرو فقال مثله".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثثا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن قتادة ومالك بن دينار، أنهما سمعا خلاسًا قال:"سمعت عمار بن ياسر - رضي الله عنه - وسأله رجل عن الوتر فقال: أما أنا فأوتر ثم أنام، فإن قمتُ صليت ركعتين".
وهذا عندنا معنى حديث همام، عن قتادة الذي ذكرناه في الفصل الأول، كان في ذلك:"إذا قمت شفعت"، فاحتمل ذلك أن يكون يشفع بركعة كما كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يفعل.
ويحتمل أن يكون يُصلّي شفعًا، ففي حديث شعبة قد بَيَّن أن معنى قوله:"شفعت" أي صلّيتُ شفعًا شفعًا ولم أنقض الوتر.