للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن مرتين دليلًا على أنه قد علم ما فيه من السجود في القرآن، فصار قوله: "إن في المفصل من السجود ما رويناه عنه" حجة.

ش: أي خالف أبي بن كعب - رضي الله عنه - في قوله: "لا سجود في المفصل" جماعة من أصحاب رسول الله - عليه السلام - وهم: علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعمار بن ياسر، وأبو هريرة - رضي الله عنه -؛ فإنهم كلهم قد خالفوا أبي بن كعب في قوله: "لا سجود في المفصل"، والأخذ بقولهم أولى، وقد أخبر ابن عباس - رضي الله عنه - في حديثه الذي رواه عنه أبو ظبيان -على ما نُبيّنه- أن عبد الله بن مسعود حضر قراءة رسول الله - عليه السلام - القرآن مرتين في العام الذي قبُض فيه، فَعَلِمَ ابن مسعود ما نُسخ من ذلك وما بُدِّل من التلاوة والحكم.

فإن قيل: كيف يُحتجّ بهذا وأبي بن كعب - رضي الله عنه - قد علم حين قرأ النبي - عليه السلام - عليه القرآن ما فيه من السجود وما ليس فيه، فلذلك قال: "لا سجود في المفصل"، فيكون هذا دليلًا على أنه كان كذلك عند رسول الله - عليه السلام -؟

قلت: أجاب الطحاوي عن ذلك بقوله: "فإن كان في قراءة النبي - عليه السلام - على أبي بن كعب ... " إلى آخره.

بيانه أن يقال: إذا كان في قراءة النبي - عليه السلام - على أبي بن كعب القرآن دليلٌ على عدم السجود في المفصل لكونه كذلك عند رسول الله - عليه السلام -، ففي حضور ابن مسعود قراءة النبي - عليه السلام - القرآن مرتين في العام الذي قبُض فيه أدلّ دليل على أنه قد علم ما فيه من السجود في القرآن وما ليس فيه، فيكون العمل به والاعتماد عليه أقوى، وقد أخبر هو أن في المفصل سجودًا، فصار أولى بالعمل به.

ثم إنه أخرج أثر ابن عباس بإسناد صحيح: عن فهد بن سليمان، عن محمَّد بن سعيد الأصبهاني شيخ البخاري، عن شريك بن عبد الله النخعي، عن سليمان الأعمش، عن أبي ظبيان الجَنْبي واسمه حُصَيْن بن جندب الكوفي روى له الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>