للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي: فأما وجه النظر والقياس في كون السجود في المفصل فعلى غير هذا المعني، وهو وجوب السجود في المفصل وغيره وعدم الوجوب، وبيّن ذلك بقوله: "إنا رأينا السجود المتفق عليه ... " إلى آخره، ملخصه محرّرًا: أن السجدات المتفق عليها عشر، وهي: الأعراف، والرعد، والنحل، وبنو إسرائيل، ومريم، والأولى من الحج، والفرقان، والنمل، و {الم (١) تَنْزِيلُ}، و {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وفي موضع السجدة فيه اختلاف، فقال بعضهم: موضعه {تَعْبُدُونَ} (١)، وأراد بهم: مالكًا وبعض الشافعية، ويحكى ذلك عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، وطلحة، ويحيى، وزبيد اليامي، وأبي عبد الرحمن السلمي، والأعمش، ومسروق، وأصحاب عبد الله؛ فإن هؤلاء كلهم يذهبون إلى أن موضع السجود في حم السجدة عند قوله {تَعْبُدُونَ}.

وقال بعضهم: موضعه {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (٢) وأراد بهم: سعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين في رواية, والنخعي في رواية, وشقيق بن سلمة، وابن أبي ليلى، وأبا حنيفة، وأصحابه؛ فإنهم ذهبوا إلى أن موضع السجود في هذه السورة عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ}، ويحكى ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنه -، وهو مذهب الشافعي في الصحيح ومذهب الجمهور؛ لأن في ذلك أخذًا بالاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة، فإن السجدة لو وجبت عند قوله: {تَعْبُدُونَ} فالتأخير أولى إلى قوله: {لَا يَسْأَمُونَ} لنخرج عن الواجب باليقين، ولو وجبت عند قوله: {لَا يَسْأَمُونَ} لكانت السجدة المؤداة قبله حاصلةً قبل وجوبها.

ثم أشار إلى بيان اختلاف الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - بقوله: "وقيل: اختلف المتقدمون في ذلك" أي في موضع السجود في سورة {حم (١) تَنْزِيلُ}.


(١) سورة فصلت، آية: [٣٧].
(٢) سورة فصلت، آية: [٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>