للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت، إنما هذا على من دخل المسجد في حالٍ تحلُّ فيها الصلاة، وليس على من دخل المسجد في حالٍ لا تحل فيها الصلاة، ألا ترى أن من دخل المسجد عند طلوع الشمس، أو عند غروبها، أو في وقت من هذه الأوقات المنهي عن الصلاة فيها أنه لا ينبغي له أن يُصلّى، وأنه ليس ممن أمره النبي - عليه السلام - أن يصلي ركعتين لدخوله المسجد؛ لأنه قد نهي عن الصلاة حينئذٍ، فكذلك الذي دخل المسجد والإمام يخطب ليس له أن يصلي، وليس ممن أمره النبي - عليه السلام - بذلك، وإنما يدخل في أمر رسول الله - عليه السلام - الذي ذكرت كل مَن لو كان في المسجد قبل ذلك، فآثر أن يصلي كان ذلك له، وأما مَن لو كان في المسجد قبل ذلك لم يكن له أن يصلي حينئذٍ فليس بداخل في ذلك، وليس له أن يصلي؛ قياسًا على ما ذكرنا من حكم الأوقات المنهي عن الصلاة فيها التي وصفنا.

ش: تقرير السؤال: أن قوله - عليه السلام -: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين" عام يتناول كل داخلٍ في المسجد سواء كان يوم الجمعة والإمام يخطب أو غيره، فإذا كان كذلك ينبغي لمن دخل المسجد والإمام يخطب أن لا يجلس حتى يركع ركعتين.

وتقرير الجواب: أن هذا الحديث مخصوص بحال من دخل المسجد في وقت تحلُّ له فيه الصلاة، وليس بمطلق، وذلك كالأحاديث التي فيها النهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة نحو طلوع الشمس وغروبها واستوائها في الظهيرة، فإنه ليس لأحد أن يصلي تحية المسجد إذا دخله في وقت من هذه الأوقات، فلا يكون الداخل في المسجد في هذه الأوقات داخلًا تحت الأمر، وكذلك الداخل في حالة خطبة الإِمام ليس بداخل تحت هذا الأمر؛ لكون هذا الوقت غير صالح للصلاة كالأوقات المكروهة، وباقي الكلام ظاهر.

قوله: "فآثر" بالمد أي اختار أن يصلي.

ثم الحديث المذكور أخرجه من حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي، ومن حديث جابر بن عبد الله الأنصاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>