ش: هذا اعتراض أورده أهلُ المقالة الأولى على ما قاله أهل المقالة الثانية من قولهم: إنا قد رأينا صلاة المأمومين مضمنة لصلاة إمامهم في صحتها وفسادها.
تقريره أن يقال: ما ذكرتم من قولكم: إن صلاة المأمومين مضمنةً لصلاة إمامهم غير صحيح؛ وذلك لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صلى بالناس جنبًا ثم أعاد صلاته والقوم لم يُعيدوا، فلو كانت صلاتهم مضمنةً لصلاته لأمرهم بالإعادة، فحيث لم يعيدوا دل على أن صلاتهم لم تكن مضمنةً لصلاته.
وتقرير الجواب أن يُقال: إنما فعل عمر ذلك لأنه لم يعلم ولم يتيقن بأن الجنابة كانت منه قبل الصلاة فاحتاط في ذلك وأخذ بالحزم فأعاد صلاته، وهو معنى قوله:"فأخذ لنفسه بالحَوْطة فأعاد" أي بالاحتياط ولم يأمر غيره بالإعادة لعدم التيقن بكونها قبل الصلاة، والدليل على ذلك ما رواه زُبَيْد بن الصلت عنه أنه قال:"أراني قد احتلمتُ وما شعرتُ، وصليتُ وما اغتسلتُ" أي أظن أني قد احتلمتُ، فهذا يدل على أنه لم يكن متيقنًا بالجنابة قبل الصلاة.
وأخرجه من طريقين صحيحين:
أحدهما: عن محمد بن خزيمة بن راشد، عن عبد الله بن رجاء الغداني شيخ البخاريّ ونسبته إلى غُدَّانة -بضم الغين المعجمة- بن يربوع بن حنظلة، عن زائدة بن قدامة الكوفي، روى له الجماعة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام، عن زُيَيْد بضم الزاي المعجمة وباليائين آخر الحروف أولاهما مفتوحة والأخرى ساكنة- ابن الصلت بن معاوية أبي كثير الكِنْدي، يقال: إنه وُلد في عهد النبي - عليه السلام -، وذكره ابن حبان في "الثقات" من التابعين.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١) مختصرًا وقال: ثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن زُيَيْد بن الصلت:"أن عمر - رضي الله عنه - غسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم يَرَ، وأعاد بعد ما ارتفع الضحى متمكنًا"