للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما صلاة الجمعة فقد قال أبو عمر: اختلف الفقهاء فيما يقرأ في صلاة الجمعة؛ فقال مالك: أَحبُّ إليَّ أن يقرأ الإِمام في الجمعة بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} مع سورة الجمعة، وقال مرة أخرى: أما الذي جاء به الحديث فـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} مع سورة الجمعة، والذي أدركت عليه الناس بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}.

قال أبو عمر: تحصيل مذهب مالك أن كلتا السورتين قراءتهما حسنة مستحبة مع سورة الجمعة في الركعة الثانية، وأما الركعة الأولى فسورة الجمعة ولا ينبغي للإمام عنده أن يترك سورة الجمعة، فإن فعل وقرأ بغيرها فقد أساء وبئس ما صنع، ولا تفسد عليه بذلك صلاته.

وقال الشافعي وأبو ثور: يقرأ في الركعة الأولى بسورة الجمعة، وفي الثانية {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (١).

واستحب مالك، والشافعي، وأبو ثور، وداود بن علي، أن لا تترك سورة الجمعة على كل حال.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس في ذلك توقيت بعينه لا ينبغي أن يُجاوز إلى غيره ولكن للإمام أن يقرأ بهما وله أن يُغيرهما.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأصحابه والثوري؛ فإنهم قالوا: ليس في العيدين ولا في الجمعة قراءة بسورةٍ مُعينةٍ بحيث لا تُجاوز إلى غيرها، ولكن للإمام أن يقرأ في العيدين وفي الجمعة بالسورتين المذكورتين وله أن يقرأ غيرهما، وكذا في الجمعه له أن يقرأ بسورة الجمعة و {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (١) وله أن يقرأ غيرهما؛ وذلك لاختلاف الآثار عن النبي - عليه السلام - باختلاف السور في هذه الصلوات، وكذلك عن الصحابة ومن بعدهم، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ}


(١) سورة المنافقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>