ش: هذا جواب عما قاله أهل المقالة الأولى وهو الذي ذكره عنهم بقوله: "فكان من الحجة لأهل المقالة الأولى ... " إلى آخره، تقريره أن يقال: إن الذي ذكرتموه ولئن سلمنا أنه كذلك، ولكن يجوز أن يكون وتر النبي - عليه السلام - على الراحلة قبل أن يحكم أمر الوتر ويغلظ شأنه؛ وذلك لأنه كان أولًا كسائر التطوعات فلذلك كانوا يصلونها على الراحلة، فلما أحكم أمره وشُدّد فصار كالفرض منع من ذلك كالفرض، ولمّا صار كالفرض صار حكمه حكم الفرض، وقد أجمعوا أن الفرض لا يجوز على الراحلة عند القدرة على النزول فكذلك الوتر.
ثم أخرج عن ثلاثة من الصحابة ما يدلّ على وجوب الوتر، وهم: عليّ وخارجة بن حذافة وأبو بَصْرة الغفاري - رضي الله عنهم -.
أما حديث عليّ - رضي الله عنه - فأخرجه من طريقين صحيحين:
أحدهما: عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري بَحْشل شيخ مسلم وأبي حاتم والطبريّ أيضًا، عن عمّه عبد الله بن وهب المصري، عن موسى بن أيوب بن عامر الغافقي المصري وثقه أحمد وأبو داود وروى له، وابن ماجه والنسائي في مسند علي - رضي الله عنه -، عن عمه إياس بن عامر الغافقي المصري، وثقه ابن حبان وروى له هؤلاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
والآخر: عن عبد الرحمن بن جارود بن عبد الله أبي بشر الكوفي، ثم البغدادي، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ شيخ البخاري، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عمّه إياس بن عامر، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
ويستفاد منه: جواز الصلاة إلى المرأة وجوازها إلى نائم، وأن المرأة لا تقطع الصلاة، وأن الإشارة في الصلاة لا تُفسدها، واستحباب صلاة الليل، ووجوب صلاة الوتر بقوله - عليه السلام -: "هذه صلاة زدتموها" وأشار بـ"هذه" إلى صلاة الوتر.
وقوله:"زدتموها" بكسر الزاي من زاد، وهو يتعدّى ولا يَتعدّى، وها هنا مُتعدّ إلى مفعولين: أحدهما: الضمير الذي في زدتم الذي هو ضمير منصوب