فقد بينا حال أبي غطفان، وتعليل ابن الجوزي بابن إسحاق ليس بشيء؛ لأن ابن إسحاق من الثقات الكبار عند الجمهور.
ص: فذهب قوم إلى أن الإشارة التي تفهم إذا كانت من الرجل في الصلاة قطعت عليه صلاته، وحكموا لها بحكم الكلام، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: طائفة من أهل الظاهر؛ فإنهم قالوا: إن المصلي إذا أشار في صلاته إشارة مفهمه تفسد صلاته، فيكون حكمها حينئذ كحكم الكلام، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا تقطع الإشارة الصلاة.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: ابن أبي ليلى والثوري والنخعي وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثورة فإنهم قالوا: الإشارة لا تقطع الصلاة.
ويحكى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وعائشة - رضي الله عنهم -.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (١) عن معمر، عن ثابت البناني، عن أبي رافع قال:"رأيت أصحاب رسول الله - عليه السلام - وإن أحدهم ليشهد على الشهادة وهو يصلي".
قال معمر: وحدثني بعض أصحابنا: "أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تأمر خادمها أن يقسم المرقة، فتمر بها وهي في الصلاة، فتشير إليها أن زيدي".
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر:"أن النبي - عليه السلام - أتى قباء، فسمعت به الأنصار فجاءوا يسلمون عليه وهو يصلي، فأشار إليهم بيده باسط كفه وهو يصلي".
حدثنا يونس، قال أنا ابن وهب، عن هشام، عن نافع، عن ابن عمر، مثله غير أنه قال:"فقلت لبلال أو صهيب: كيف رأيت رسول الله - عليه السلام - يرد عليهم وهو يصلي؟ قال: يشير بيديه".