أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود، قلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله - عليه السلام - كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان".
وأخرجه الأربعة (١) أيضًا مطولًا ومختصرًا.
قوله: "كآخرة الرحل" أي كقدر مؤخر الرَّحل، و"الرَّحل" بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين: الذي تركب عليه الإبل، وهو الكور. وقال الجوهري: الرحل رحل البعير وهو أصغر من القتب، والجمع الرحال، وثلاثة أرحل.
وقال عياض: آخرة الرحل هو العود الذي في آخر الرحل.
والمؤخرة: -بضم الميم وكسر الخاء- كذا قاله أبو عبيد، وحكى ثابت فيه فتح الخاء، وأنكره ابن قتيبة، وأنكر ابن مكي أن يقال مقدِّم ومؤخِّر -بالكسر- إلا في المعين خاصة، وغيره بالفتح، ورواه بعض الرواة بفتح الواو وتشديد الخاء.
قوله: "من الأبيض" معناه ما بال الأسود من الأبيض.
قوله: "إن الكلب الأسود شيطان" فيه معنيان: الأول يجوز أن يكون حقيقًا ويكون الكلب الأسود جنسًا من الشياطين؛ لأن الشياطين أجناس وأنواع كالعفاريت والسفالي والغيلان، ويجوز أن يكون بمعنى تشبيه بليغ لوصف خاص فيه دون غيره من الكلاب.
ويستنبط منه أحكام:
الأول: أن المصلي إذا كان بينه وبين المار سترة؛ لا يضر صلاته مرور المار.
(١) "سنن أبي داود" (١/ ١٨٧ رقم ٧٠٢)، و "جامع الترمذي" (٢/ ١٦١ - ١٦٣ رقم ٣٣٨)، و"المجتبى" (٢/ ٦٣ رقم ٧٥٠)، و "سنن ابن ماجه" (١/ ٣٠٦ رقم ٩٥٢).