ص: وليس في حديث أبي ذر الذي ذكرنا خلاف لهذا عندنا؛ لأنه قد يجوز أن يكون قول رسول الله - عليه السلام - "من ركع ركعة وسجد سجدة" على ما قد أطيُل قبله من القيام ويجوز أيضًا من ركع لله ركعة وسجد سجدة، رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، وإن زاد مع ذلك طول القيام كان أفضل، وكان ما يعطيه الله من الثواب أكثر، فهذا أولى ما حمل عليه هذا الحديث كيلا يضاد الأحاديث الآخر التي ذكرنا.
ش: هذا إشارة إلى بيان وجه التوفيق بين حديث أبي ذر وبين الأحاديث التي ذكرها في باب "القراءة في ركعتي الفجر" التي تدل على أن طول القيام أفضل، وبيّن ذلك من وجهين:
أحدهما: أنه يجوز أن يكون ما ذكره - عليه السلام - بقوله:"من ركع ركعة وسجد سجدةً" على إطالة القيام قبل الركوع الكثير والسجود الكثير، أراد أنه يطيل القيام مع كثرة الركوع والسجود، فيكون حائزًا للفضلتين.
والآخر: أنه يكثر الركوع والسجود ليحوز ذلك الثواب العظيم، ومع هذا لو زاد عليه إطالة القيام كان له زيادة أجر آخر، فيكون ما يعطيه الله تعالى من الثواب أكثر، وبهذا التوفيق يحصل الاتفاق بين هذه الأحاديث.
وقد قيل: حديث أبي ذر لا يساوي حديث جابر بن عبد الله ولا يقاومه في صحة الإسناد، فالعمل بحديث جابر أولى.
قلت: هذا باب الترغيب، فالكل في القبول سواء، ولا يزول الاختلاف إلا بالتوفيق، وهو الذي ذكره، والله أعلم.
ص: وممن قال بهذا القول الآخر في إطالة القيام وأنه أفضل من كثرة الركوع والسجود: محمد بن الحسن: حدثني بذلك ابن أبي عمران، عن محمد بن سماعة، عن محمد بن الحسن.