والاسم أحدُ الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون، فإذا نطقوا بها مبتدأ زادوا همزة؛ لئلَّا يقع الابتدأء بالساكن، وهو من الأسماء المحذوفة الأَعْجَاز كيدٍ، ودَمٍ، وأصله: سمو، واشتقاقه من السُّمو عند البصريين، وقال الكوفيون: مشتق من وَسَمَ يَسِمُ سِمَةً.
قلتُ: ولو كان كذلك لقالوا في تصغيره: وُسَيْم، وفي جمعه: أوسام، فلما قالوا: سُمَيّ وأَسْمَاء، دلّ على أن أصله سِمو، ويقال: اسِمٌ وسِمٌ -بالكَسْر فيهما- واسُم وسُمٌ -بالضم فيهما- وقال المبرد: سمعت العرب تقى: اسِمُه واسُمْه ويِسْمُه وسِمْهُ وسَمَاه.
ولفظة "الله" اسم علم للباري -جل جلالة- والمختار أنه ليس بمشتق وهو قول الخليل وسيبويه، وأكثر الأصوليين والفقهاء؛ وذلك لأنه لو كان مشتقًّا لكان معناه معنى كليًّا لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشركة، وحينئذ لا يكون قولنا:"إلا الله" موجبًا للتوحيد المحض؛ وحيث أجمع العقلاء على أن هذا توحيد محض، علمنا أن لفظة "الله" اسمٌ علمٌ موضوع لتلك الذات المُعيَّنَة، وليست من الألفاظ المشتقة فافهم.
و"الرحمن": فعلان من رَحِمَ كَغَضْبَان من غَضِبَ.
و"الرحيم": فعيل منه، كمريض من مَرِضَ، وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قالوا: رحمان الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا، والزيادة في البناء لزيادة في المعنى.
واتصاف الله بالرحمة -ومعناها العطف والحنو- مجاز عن إنعامه على عباده، وذكر الرحيم بعد الرحمن من قبيل التتميم والترديف؛ وذلك لأنه لما قال: الرحمن تناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها، ثم أردفه بالرحيم ليتناول ما دق منها وما لطف.
وقد اختُلف في صرف "رحمان" ومنعه، فمن شرط في المنع انتفاء فعلانه منعه، ومن شرط وجود فعلانه صرفه، على ما عرف في موضعه.