وروى ابن مندة بإسناده عن ابن إسحاق قال: كان موضع المسجد لغلامين يتيمين سهل وسهيل وكانا في حجر أسعد بن زرارة.
وقال ابن الأثير: ظن ابن مندة أن ابني البيضاء هما الغلامان اليتيمان اللذان كان لها موضع المسجد، وإنما كانا من الأنصار، وأما ابنا بيضاء فهما من بني فهو كما ذكرناه، وإنما دخل الوهم عليه حيث لم ينسبه إلى أب ولا قبيلة، فلو نسبه لعلم الصواب.
ص: فذهب قوم إلى هذا الحديث، فقالوا: لا بأس بالصلاة على الجنائز في المساجد.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وداود؛ فإنهم قالوا: لا بأس بالصلاة على الجنازة في المسجد. واحتجوا بالحديث المذكور.
وقال أبو عمر: رواه المدنيون، عن مالك، وقاله ابن حبيب من أصحابنا وحكاه عن شيوخه المدنيين وقاله القاضي إذا احتيج إلى ذلك.
وقال أبو عمر أيضًا: وروى ابن القاسم، عن مالك قال: وإن صلى عليها عند باب المسجد وتضايق الناس وتزاحموا فلا بأس أن تكون بعض الصفوف في المسجد، وقد قال في كتاب الاعتكاف من "المدونة" في صلاة المعتكف على الجنازة في المسجد ما يدل على أنه معروف عنده الصلاة على الجنازة في المسجد، وأجاز أبو يوسف ذلك، وقال الشافعي وأصحابه وأحمد: لا بأس أن يُصلى على الجنازة في المسجد من ضيق ومن غير ضيق، على كل حال. وهو قول عامة أهل الحديث.
وقال ابن حزم في "المحلى": وإدخال الموتى في المساجد والصلاة عليهم فيها حسن كله، وأفضل مكان صلي فيه على الميت في داخل المساجد، وهو قول الشافعي وأبي سليمان.