آخر الليل ليلة الأربعاء وهذا بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - لا ينكره أحد منهم". فدل ذلك على أن ما كان من نهي النبي - عليه السلام - عن الدفن ليلًا إنما كان لعارض، لا لأن الليل يكره الدفن فيه إذا لم يكن ذلك للعارض، وقد قال عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: "ثلاث ساعات كان رسول الله - عليه السلام - ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغيب". وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا، فدل ذلك أن ما سوى هذه الأوقات بخلافها في الصلاة على الموتى ودفنه في الكراهة.
ش: أي وقد فُعِلَ الدفن بالليل برسول الله - عليه السلام - على ما روته عائشة - رضي الله عنها -.
أخرجه عن فهد بن سليمان، عن يوسف بن بهلول التميمي شيخ البخاري واحد أصحاب أبي حنيفة، عن عبدة بن سليمان الكلابي الكوفي روى له الجماعة، عن محمَّد بن إسحاق المدني الثقة، عن فاطمة بنت محمَّد مجهولة، عن عائشة - رضي الله عنها -.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفة" (١): ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق ... إلى آخره نحوه سواء.
وفي آخره قال محمَّد: "والمساحي: المرور".
قلت: هي مِسحاة -بكسر الميم- وهي المجرفة من الحديد، والميم زائدة؛ لأنه من السحو وهو الكشف، والمرور جمع مر -بفتح الميم وتشديد الراء- وهي المسحاة ويسمى بالفارسية بِيل.
قوله: "وقد قال عقبة بن عامر ... " إلى آخره. قد أخرجه الطحاوي مسندًا في باب: "مواقيت الصلاة" وقال: ثنا ابن مرزوق، قال: نا أبو عامر العقدي، قال: ثنا موسى بن عُلَيِّ بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهمي قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله - عليه السلام - ... " الحديث.
(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٣٢ رقم ١١٨٣٩)، وفيه: "المساحي: المجارف".