للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأسباب هي: الفقر والعجز وعدم القدرة على الاكتساب، ونظير ذلك قوله - عليه السلام -: "ليس المسكن بالطوّاف ... " (١) الحديث، فإنه لا يدل على أن المسكن الذي يسأل يخرج عن حد المسكنة بحيث لا يجوز له أخذ الصدقة، بل هو مسكين يجوز له أخذ الصدقة، ولكن نفى عنه المسكنة في حالة السؤال؛ للتغليظ والزجر حيث لم يجمع أسباب المسكنة كلها، فالمعنى: المسكن الذي يسأل ليس بمسكين متكامل أسباب المسكنة، فكذلك قوله - عليه السلام -: "ولا تحل لذي مرة سويّ" معناه: لا تحل له الصدقة من جميع الأسباب التي تحل بها للفقير الذي لا يقدر على غيرها، وإنما تحل له ببعض تلك الأسباب، وهو كونه فقيرًا مع قطع النظر عن قوته وقدرته على الاكتساب.

وقوله - عليه السلام -: "ليس المسكين بالطوَّاف ... " إلى آخره قد أخرجه الطحاوي: في باب: "التسمية على الوضوء" عن عبد الله بن مسعود وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، وقد استوفينا الكلام فيه هناك.

قوله: "وإن كانا جميعًا" واصل بما قبله، وجميعًا يعني مُجْتَمِعَيْنِ.

قوله: "حتى لا تحل له" بنصب اللام؛ لأنه جواب النفي، وهو قوله: فلم يكن المسكن الذي يسأل.

وقوله: "وحتى لا تجزئ" عطف على قوله: "حتى لا تحل له" داخل في حكمه، فافهم.

وقد أجاب بعض أصحابنا عنه بأن الصدقة إنما لا تحل لذي مرة سوي إذا سأل وإن لم يسأل يحل له أخذها؛ لأنه فقير كسائر الفقراء، وأن هذا القيد مراد في الحديث، والله أعلم.

ص: واحتج أهل المقالة الأولى لمذهبهم أيضًا بما حدثنا أبو أمية، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي، قال:


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>