للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وأما قوله: ولا لقوي مكتسب ... إلى آخره" فأول بما أول قوله: "ولا لذي مرة سوي" وهو أيضًا ظاهر.

قوله: "ولولا أنه يجوز". أي: ولولا أن الشأن يجوز، أراد أن قوله - عليه السلام -: "إن شئتما فعلت" يدل على جواز إعطاء الصدقة للقوي المكتسب؛ إذ لو لم يجز لما قال ذلك؛ وذلك لأنه فقير وإن لم يكن جمع أسباب التكامل في الفقر على ما قلنا فيما مضى.

قوله: "وهذا أولى ما حملت عليه هذه الآثار ... إلى آخره" جواب عما يقال: ما الداعي إلى هذا التأويل الصارف عن المعنى الظاهر؟

تقريره أن يقال: إن لم تأول هذه الأحاديث بما ذكرنا من التأويل يلزم التضاد والتعارض بينها وبن أحاديث أخر رويت في هذا الباب، منها حديث أبي سعيد الخدري فإن فيه يقول - عليه السلام -: "مَن سأل أعطيناه" ويخاطب بذلك أصحابه، ومع هذا كان أكثرهم أصحاء لا زمانة بهم قادرين على الاكتساب إلا أنهم كانوا فقراء فلم يمنعهم من الصدقة، فقد دل ذلك على أن القوي المكتسب تحل له الصدقة ولكن باعتبار جهة الفقر؛ لأنه فيه كسائر الفقراء، وبهذا تتوافق معاني الآثار ويرتفع التضاد، فالحاصل أن حديث أبي سعيد دل على شيئين:

أحدهما: جواز دفع الصدقة للقوي المكتسب بالنظر إلى فقرة.

وأما معنى قوله في حديث عبيد الله بن عدي: "ولا لقوي مكتسب" يعني: بالنظر إلى قدرته على الاكتساب كما ذكرنا فيما مضى.

والآخر: يدل على فضل من استعف وترك السؤال على مَن سأل، فلأجل ذلك ترك أبو سعيد السؤال، ولو سأل رسول الله - عليه السلام - لأعطاه ولما منعه؛ لأنه قد أعطى لأمثاله من الصحابة - رضي الله عنهم -.

ثم إنه أخرج حديث أبي سعيد من ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن بشر بن عمر الزهراني الأزدي البصري روى له الجماعة، عن شعبة بن الحجاج، عن أبي حمزة -بالحاء المهملة والزاي

<<  <  ج: ص:  >  >>