للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "من قومه" إنما قال هذا لأن قومه من أهل الخبرة بباطنه، والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرًا بصاحبه.

قوله: "فهو سحت" أي: حرام.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: أن السؤال عند عدم الحاجة حرام وأخذه سحت.

الثاني: أن الحد الذي ينتهي إليه العطاء في الصدقة هو الكفاية التي يكون بها قوام العيش وسداد الخلة، وذلك يُعتبر في كل إنسان بقدر حاله ومعيشته ليس فيه حد معلوم.

الثالث: أن مجرد دعوى الإعسار لا تقبل، اللهم إلا إذ كان مشهورًا بين قومه بالفقر والفاقة؛ فإن القول قوله حينئذٍ.

الرابع: فيه دليل على وجوب المساعدة من أصحاب الأموال والنظر في حق من ابتلي بالحاجة، أو أصيب بالجائحة، أو تحمل بالحمالة.

الخامس: أنه يدل على أن الصدقة تحل للفقير الصحيح القادر على الاكتساب؛ لأنه لم يشترط في هذه الصور الثلاث التي يحل فيها السؤال: أن يكون السائل عاجزًا عن الكسب لأجل الزمانة ونحوها، وإليه أشار بقوله: فأباح رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث ... إلى آخره.

قوله: "فدل ذلك أن الصدقة" أي: دلَّ ما أباحه النبي - عليه السلام - من السؤال لذي الحاجة إلى أن يصيب قوامًا من عيش أو سداد من معيشة على أن الصدقة لا تحرم بالصحة والقدرة على الاكتساب، ولكن بشرط أن يكون مراد المتصدق عليه: سدّ الفقر ودفع الحاجة، وأما إذا أراد بها التكثر والتجمل وغير ذلك فهو حرام؛ لأنه يكون ممن يطلب الصدقة لغير المعاني الثلاثة المذكورة في الحديث.

ص: وقد روى سمرة - رضي الله عنه -، مثل ذلك عن رسول الله - عليه السلام -.

<<  <  ج: ص:  >  >>