للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد: ما جاءك منه وأنت غير متطلع إليه، ولا طامع فيه، ولا سائل منه، فخذه ولا ترده لأنه خير ساقه الله إليك من غير سؤال ولا تعب.

قوله: "وما لا فلا تتبعه نفسك" أي: فلا تعلقها بطلبه واتباعه.

قوله: "ولا سرف" بالسين المهملة اسم من الإسراف الذي هو بمعنى التبذير.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: فيه استحباب قبول المال الذي يجيء من غير سؤال.

قال النووي: اختلف العلماء فيمن جاءه مال من غير سؤال هل يجب قبوله أم يُندب؟ على ثلاثة مذاهب حكاها ابن جرير الطبري وآخرون.

الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور: أنه مستحب في غير عطية السلطان، وأما عطية السلطان فحرمها قوم وأباحها قوم وكرهها قوم، والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في السلطان حرمت، وكذا إن أعطي ما لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ.

وقالت طائفة: الأخذ واجب من السلطان وغيره.

وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره.

وقال غيره: اختلف العلماء فيما أمر به النبي - عليه السلام - عمر من ذلك بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد، فقيل: هو أمر ندب من النبي - عليه السلام - لكل من أعطي عطية، كانت من سلطان أو من عاميّ، صالحًا كان أو فاسقًا، بعد أن يكون ممن تجوز عطيته، حكى ذلك غير واحد، وقيل: ذلك من النبي - عليه السلام - ندب إلي قبول عطية غير السلطان، فبعضهم منعها وبعضهم كرهها.

وقال آخرون: ذلك ندب لقبول هدية السلطان دون غيره، ورجح بعضهم الأول؛ لأن النبي - عليه السلام - لم يخصص وجهًا من الوجوه.

الثانى: فيه فضيلة عمر - رضي الله عنه - وزهده وقلة حرصه على الدنيا والتكثر منها، وإيثار غيره على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>