فدلَّ ذلك على أنهم هم المعدلون لما ذكرنا من الحنطة بالمقدار من الشعير والتمر الذي ذكرنا، ولم يكونوا يفعلون ذلك إلا بمشاورة أصحاب النبي - عليه السلام - واجتماعهم لهم على ذلك، فلو لم يكن رُوي لنا في مقدار ما يُعطى من الحنطة في زكاة الفطر إلا
هذا التعديل؛ لكان ذلك عندنا حجة عظيمة في ثبوت ذلك المقدار من الحنطة، وأنه نصف صاع، فكيف وقد روي مع ذلك عن أسماء أنها كانت تخرج ذلك المقدار على عهد رسول الله - عليه السلام - أيضًا.
ش: أي: وقد جاءت الأحاديث عن النبي - عليه السلام - بالذي فرضه في صدقة الفطر حال كونها موافقة في المعنى لحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنه -، ولما روي من أثر أبي سعيد الخدري.
فمن ذلك حديث عبيد الله بن عمر.
أخرجه من ثمانية طرق:
الأول: إسناده صحيح. عن إبراهيم بن مرزوق، عن عارم وهو محمَّد بن الفضل السدوسي البصري شيخ البخاري، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
وأخرجه البخاري (١): ثنا أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: "فرض النبي - عليه السلام - صدقة الفطر -أو قال: رمضان- على الذكر والأنثى والحر والمملوك، صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، فَعَدَل الناس به نصف صاع من بر، فكان ابن عمر يُعطي التمر، فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرًا، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى إن كان ليعطي عن بنُيّ، وكان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين".
الثاني: أيضًا صحيح. عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سليمان بن حرب الواشحي شيخ البخاري وأبي داود، عن حماد بن زيد ... إلى آخره.
(١) "صحيح البخاري" (٢/ ٥٤٩ رقم ١٤٤٠).