مقدار وزن الصاع كم هو، وذكر في حديث مجاهد عن عائشة المذكور في أول الباب أنه كان يغتسل بثمانية أرطال، وذكر في حديث عروة عن عائشة أنها قالت:"كنت أغتسل أنا ورسول الله - عليه السلام - من إناء واحد من قدح يقال له: الفَرَق" والمذكور فيه ما كانا يغتسلان منه فقط، وليس فيه بيان المقدار الذي اغتسلا منه، وفي الأحاديث الأُخَر ذكر مقدار الماء الذي كان - عليه السلام - يغتسل به وهو الصاع.
فتصحيح معاني هذه الآثار يقتضي أنه كان يغتسل من إناء هو الفَرَق، وبصاع وزنه ثمانية أرطال، وهذا لاخفاء فيه، فإذا كان كذلك يثبت به ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى، والله أعلم.
ثم إنه أخرج حديث عائشة - رضي الله عنها - من سبع طرق:
الأول: عن فهد بن سليمان، عن محمَّد بن سعيد بن الأصبهاني شيخ البخاري، عن عبد الرحيم بن سليمان الأشلّ الطائي، عن حجاج بن أرطاة النخعي الكوفي القاضي، عن إبراهيم بن المهاجر البجلي، عن صفية بنت شيبة الحاجب، المختلف في صحبتها، عن عائشة - رضي الله عنها -.
وهذا إسناد صحيح، ورجاله رجال الصحيح ما خلا فهدًا.
الثاني: عن فهد أيضًا، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن مسلم الزهري، عن عروة، عن عائشة ... إلى آخره.
وهذا أيضًا صحيح (١).
الثالث: عن فهد أيضًا، عن يحيى الحماني أيضًا، عن أبي الأحوص سلام بن سليم، عن مسلم بن كيسان الضبي الملائي البرَّاد الكوفي الأعور، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عائشة.
وهذا معلول بمسلم بن كيسان؛ فإنه ضعيف، فقال أحمد: لا شيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال البخاري: ذاهب الحديث. وقال
(١) في إسناده الحماني، والجمهور على تضعيفه، وقد تكرر من المؤلف -رحمه الله- تصحيح أحاديثه غير مرة.