للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البيهقي في "سننه" (١): من طريق الحسن بن منصور، نا الحسن بن الوليد قال: "قدم علينا أبو يوسف من الحج فأتيناه، فقال: إني أريد أن أفتح عليكم بابًا من العلم همني ففحصت عنه؛ قدمت المدينة فسألت عن الصاع، فقالوا: صاعنا هذا صاع رسول الله - عليه السلام -. قلت لهم: ما حجتكم في ذلك؟ قالوا: نأتك بالحجة [غدًا] (٢)، فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخًا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه، كل رجل منهم يُخبر عن أبيه أو أهل بيته: أن هذا صاع رسول الله - عليه السلام -، فنظرت فإذا هي سواء.

قال: فعيَّرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان معه يسير، فرأيت أمرًا قويًّا، فقد تركت قول أبي حنيفة، في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة".

وأخرج أيضًا (٣): عن محمَّد بن عبد الوهاب الفراء، سمعت أبي يقول: "سأل أبو يوسف مالكًا عند أمير المؤمنين عن الصاع كم هو رطلًا؟ قال: السنة عندنا أن الصاع لا يُرطل ففحمه".

قال محمَّد بن عبد الوهاب: وسمعت الحسين بن الوليد يقول: قال أبو يوسف: "فقدمت المدينة فجمعنا أبناء أصحاب رسول الله - عليه السلام - ودعوت بصاعاتهم، فكلٌّ حدثني عن آبائهم، عن رسول الله - عليه السلام - أن هذا صاعه، فقَدَّرْتها فوجدتها مستويةً، فتركت قول أبي حنيفة ورجعت إلى هذا".

قوله: "فأخرج إليَّ من أثق به" قد بيَّنه أحمد بن أبي عمران بقوله: "يقال: إن الذي أخرج هذا لأبي يوسف هو مالك بن أنس -رحمه الله-.

قوله: "وسمعت أبا خازم" بالخاء والزاي المعجمتين، واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز البصري، أحد أصحاب أبي حنيفة، وحكايته عن مالك منقطعة؛ لأنه لم يدركه. وأراد بعبد الملك هو ابن مروان بن الحكم أمير المؤمنين.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ١٧١ رقم ٧٥١٠).
(٢) في "الأصل، ك": "عندنا"، والمثبت من "سنن البيهقي الكبرى".
(٣) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ١٧٠ رقم ٧٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>