للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حزم: وقال قوم: هي خصوص للنبي - عليه السلام -، فمن ادعى أنه خصوص له - عليه السلام - فقد قال الباطل، ثم روى حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار الآتي ذكره عن قريب، وفيه: "إني لأتقاكم لله -عز وجل- وأعلمكم بحدوده".

قال فهذا الخبر يكذب قول من ادعى في ذلك الخصوص له - عليه السلام - لأنه أفتى بذلك - عليه السلام - من استفتاه.

وقال أبو عمر: هذا دليل على أن الخصوص لا يجوز ادعاؤه عليه بوجه من الوجوه إلا بدليل مجتمع عليه، وقال - عليه السلام -: "إنما بعثت معلمًا مبشرًا، وبعثت رحمة مهداة" - عليه السلام -.

قوله: "وقد ذكرنا عنها" أي: عن عائشة - رضي الله عنها - ... إلى آخره، وهو ظاهر.

وذكر هذا أيضًا لإبطال دعوى الخصوص، ولاستواء حكم رسول الله - عليه السلام - وحكم سائر الناس عند عائشة في حكم القبلة إذا لم يكن ثمة خوف مما يفسد الصوم.

قوله: "وهو أيضًا في النظر كذلك" أي الاستواء المذكور أيضًا كذلك في القياس والنظر، وهو ظاهر أيضًا.

ص: وقد روي عن النبي - عليه السلام - ما يدل على استواء حكمه وحكم أمته في ذلك:

ما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: "أن رجلًا قبَّل امرأته وهو صائم، فوجد من ذلك وجدًا شديدًا، فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك، فدخلت على أم سلمة زوج النبي - عليه السلام - فذكرت ذلك لها، فاخبرتها أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - عليه السلام - كان يقبِّل وهو صائم، فرجعت فأخبرت بذلك زوجها، فزاده شَرًّا، وقال: لسنا مثل رسول الله - عليه السلام - يُحل الله لرسوله ما شاء، ثم رجعت المرأة إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله - عليه السلام - عندها فقال رسول الله - عليه السلام -: ما بال هذه المرأة؟ فأخبرته أم سلمة، فقال: ألا أَخْبَرتِها أني أفعل ذلك؟ فقالت أم سلمة: قد أخبرتها، فذهبت إلى زوجها

<<  <  ج: ص:  >  >>