وقال الأزهري: وأصل الحج من قولك: حَجَجْتُ فلانًا أَحُجَّه حجًّا إذا عدت إليه مرة بعد أخرى، فقيل: حج البيت؛ لأن الناس يأتونه كل سنةٍ، ومنه قول المخبل السَّعْدي:
وأشهد من عوف حلولًا كثيرةً ... يَحُجُّون سِبَّ الزِّبرقان المزعفرا
يقول: يأتوه مرة بعد أخرى لسُؤدَدِه، وسِبَّه: عمامته.
وقال صاحب "العين": السِّبُّ: الثوب الرقيق، وقيل: الخمار، وقيل: غلالة رقيقة يمنية.
وذكره في "الدستور" في باب: السنن المكسورة.
والزبرقان: اسم القمر في الأصل، ولُقِّب به الحصين؛ لصفرة عمامته.
وأما معنى الحج في الشرع: هو قصد إلى زيارة البيت الحرام بأفعال مخصوصة على وجه التعظيم، وسببه البيت؛ لأنه يضاف إليه، ولهذا لا يجب في العمر إلَّا مرةً واحدةً؛ لأن السبب غير متكرر.
وذكر القرطبي أن الحج فُرِضَ سنة خمس من الهجرة، وقيل: سنة تسع، قال: وهو الصحيح.
وذكر البيهقي أنه كان سَنة ست، وفي حديث ضمام بن ثعلبة ذِكْرُ الحج، وذَكَرَ محمَّد بن حبيب أن قدومه كان سَنة خمس من الهجرة.
وقال الطرطوشي: وقد رُوي أن قدومه على النبي - عليه السلام - كان في سنة تسع.
وذكر الماوردي أنه فُرِض في سَنة ثمان.
وقال (الطرطوشي وإمام الحرمين)(١): سنة تسع أو عشر، وقيل: قبل هجرته - عليه السلام -، وقيل: سنة سبع والله أعلم.
(١) كذا في "الأصل، ك"، ولعل إعادة ذكر الطرطوشي هنا انتقال نظر من المؤلف -رحمه الله-، وعزا المؤلف هذا القول في "عمدة القاري" (٩/ ١٧٥) لإمام الحرمين فقط.