وقد رأيت أن في ثلاث طرق في رواية الطحاوي: عن سعيد، عن أبيه، وفي طريقين: عن سعيد، عن أبي هريرة بدون ذكر أبيه، وقد ذكرنا الاختلاف فيه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: كل سفر هو دون الليلتين، فلها أن تسافر بغير محرم، وكل سفر يكون ليلتين فصاعدًا فليس لها أن تسافر بغير محرم.
ش: أي خالف الفِرَق الثلاث المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم الحسن البصري والزهري وقتادة؛ فإنهم قالوا: يجوز للمرأة أن تسافر في أقل من يومين وليلتين بغير ذي محرم منها، وإذا كان السفر ليلتان ليس لها ذلك إلَّا بمحرم.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة مولى زياد، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول:"لا تسافر المرأة مسيرة ليلتين إلَّا مع زوج أو ذي محرم".
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك ... فذكر بإسناده مثله.
قالوا: ففي توقيت رسول الله - عليه السلام - في ذلك ليلتين دليل على أن حكم ما هو دونهما بخلاف حكمهما.
ش: أي واحتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث أبي سعيد الخدري، فإن فيه التوقيت بليلتين، وما دونه غير داخل فيه.
وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن أبي بكرة بكَّار القاضي، عن سعيد بن عامر الضبعي، عن شعبة بن الحجاج، عن عبد الملك بن عمير بن سُويد اللخمي الكوفي، عن قزعة بن يحيى البصري مولى زياد بن أبي سفيان، عن أبي سعيد سعد بن مالك الخدري.