للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فقالوا قد يجوز .. " إلى آخره جواب عما قاله أهل المقالة الأولى من استحباب الإِحرام من البيداء لكون النبي -عليه السلام- أحرم منها.

بيانه أن يقال: لا نسلم أن إهلال النبي -عليه السلام- من البيداء يدل على استحباب الإِحرام منها، وأنه فضيلة اختارها رسول الله -عليه السلام-؛ لأنه يجوز أن يكون قد كان فعل ذلك لا لقصد أنه للإِحرام منها فضيلة على الإِحرام من غيرها، وقد رأيناه. أي النبي -عليه السلام- فعل أشياء في حجه في مواضع لا لأجل فضلٍ قصدُه على أنه لا يوجد في غيرها من المواضع، فمن ذلك نزوله بالمحصب، فإن ذلك لم يكن لأنه سُنة وإنما كان لأجل معنى اختلفوا فيه، ما هو؟

فذكر فيه أربعة معان:

الأول: ما أشار إليه بقوله: "فرُوي عن عائشة -رضي الله عنه- أنها قالت: إنما كان -أي المحصب- منزلًا نزله رسول الله -عليه السلام- لأنه كان أسمح للخروج" أي أسهل وأقرب لخروجه -عليه السلام- إلى المدينة، وليجتمع إليه من معه مدة مقامه فيه بقية يومه؛ ليرحلوا برحيله.

أخرجه بإسناد صحيح عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن أنس بن عياض ابن ضمرة المدني روى له الجماعة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنهم-.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت: "إنما نزل رسول الله -عليه السلام- الأبطح لأنه أسمح لخروجه، وأنه ليس بسُنة".

وأخرجه مسلم (٢) عن ابن أبي شيبة.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ١٩١ رقم ١٣٣٤٦).
(٢) "صحيح مسلم" (٢/ ٩٥١ رقم ١٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>