ليلة المعراج ثم انتسخ ما زاد على الخمس لسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك نسخًا قبل التمكن من الفعل إلَّا أنه كان بعد عقد القلب عليه، والرسول - عليه السلام - هو الأصل لهذه الآية ولا شك أنه عقد قلبه على ذلك، ومحله أربعة:
الأول: لا مدخل للنسخ فيه، كصفات الباري وأسمائه، وهذا القسم لا يحتمل العدم أصلًا.
الثاني: ما لا يحتمل الوجود أصلًا، كاجتماع النقيضين، وهذا أيضًا ما استحال نسخه؛ لأنه لا يجري في المعدوم.
والثالث: ما يحتمل الوجود والعدم لكن اقترن به ما يمنع الزوال من توقيت، مثل أن يقول الشارع: أذنت لك كذا إلى سنة كذا، فإن المنع عنه قبل حلول الأجل بداء فهو باطل وليس لهذا القسم مثال في أحكام الشرع، أو تأبيد صريح مثل:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} ولا يجري فيه النسخ أيضًا.
والرابع: هو المطلق الذي يحتمل أن يكون مؤقتًا، ويحتمل أن يكون مؤبدًا احتمالًا على السواء فيجري فيه النسخ، وذلك في الأحكام الشرعية بالأمر والنهي، ولا نسخ في الأخبار عند الجمهور، ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب، والسُّنة بالسُّنة، والكتاب بالسُّنة والعكس [١/ق ٣ - أ]، خلافًا للشافعي في الأخيرين، ولا يجوز نسخ الكتاب والسُّنة بالقياس عند الجمهور -خلافا لابن سريج- ووجوهه أربعة:
نَسخ التلاوة والحكم جميعًا، كصحف إبراهيم ومن تقدمه من الرسل، عليهم السلام.
ونَسخ الحكم مع بقاء التلاوة، كما في قوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}(١)، فإن الحبس في البيوت والأذى باللسان كان حَدَّ الزنى، وقد نسخ هذا مع بقاء التلاوة.