للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فها هنا صرح بقوله: سمعته أي النبي -عليه السلام- لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورين فافهم.

فإن قيل: قال البيهقي: قال الفسوي: سمعت سليمان يقول: سمع أبو قلابة هذا من أنس وهو فقيه وروى حميد ويحيى بن أبي إسحاق عن أنس سمع النبي يلبي بعمرة وحج ثم قال: ولم يحفظا وإنما الصحيح ما قال أبو قلابة: إن النبي -عليه السلام- أفرد الحج وقد جمع بعض الصحابة بين الحج والعمرة فإنما سمع أنس أولئك الذين جمعوا بينهما.

قلت: قول أنس -رضي الله عنه-: يصرخون بها يندرج فيه النبي -عليه السلام- وأصحابه كما صرح به في الرواية الأخرى حيث قال: "أهلَّ الناس بهما" وفي هذا جمع بين الروايتين وقول سليمان بن حرب: "لم يحفظا" قول لا دليل عليه، بل حفظا وتابعهما على ذلك جماعة وهم الذين ذكرناهم فإن كلهم اتفقوا على أنس على أن لفظ النبي -عليه السلام- كان إهلالًا بحجة وعمرة معًا وعلى تقدير التنافي بين الروايتين فرواية هؤلاء الجماعة أولى، ولم يَرْو أبو قلابة الإِفراد أصلاً فيما علمنا فضلاً عن أن يكون ذلك هو الصحيح كما زعم سليمان بل الذي في الصحيح أنه روى القران وقد صرح هؤلاء الجماعة عن أنس أنه سمع ذلك منه -عليه السلام- فانتهى قول سليمان إنما سمعه من بعض أصحابه.

وأما حديث يحيى بن أبي إسحاق فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري عن سفيان الثوري عن يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي البصري روى له الجماعة، عن أنس -رضي الله عنه-.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا ابن علية عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس أنه سمع النبي -عليه السلام- يقول: "لبيك بعمرة وحجة".


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٢٨٩ رقم ١٤٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>