ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الرمَل في الطواف ليس بسُنَّة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: إنما كان الرمَل ليرى المشركون أن بهم قوة، وأنهم ليسوا بضعفاء؛ لا لأن ذلك سُنَّة.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء وطاوسًا ومجاهدًا والحسن البصري والقاسم وسالمًا وسعيد بن جبير، فإنهم قالوا: الرَّمَل ليس بسُنَّة، من شاء فعله ومن شاء لم يفعله، وهو الأشهر عن ابن عباس، وعنه أنه سُنَّة.
وقال ابن حزم (١): وروينا عن ابن عباس وعطاء: ليس على من ترك الرمل شيء، وعن إبراهيم: عليه فدية، وعن ابن عباس: وجوبه على أهل الآفاق، وعن الحسن وعطاء: ليس على أهل مكة رمل، ولا على من أهلَّ منها، إلَّا أن يجيء أحد من أهل مكة من خارج، فهذه رواية ابن عباس بإيجاب الرمل على أهل الآفاق، وعن الحسن وعطاء مثل ذلك.
قوله:"واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء القوم لما ذهبوا إليه بالحديث المذكور.
ص: واحتجوا في ذلك أيضًا بما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"قدم رسول الله -عليه السلام- مكة وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قومٌ قد وهنتهم حمى يثرب، فلما قدموا، قعد المشركون مما يلي الحجر، فأمر النبي -عليه السلام- أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين. قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم بأن يرملوا الأشواط الأربعة إلَّا الإِبقاء عليهم".
ش: أي احتج هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه أيضًا بما روي عن ابن عباس أيضًا، أخرجه بإسناد صحيح عن إبراهيم بن أبي داود، عن سليمان بن حرب الواشحي شيخ البخاري وأبي داود، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني ... إلى آخره.