للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن من طاف بالبيت فينبغي له أن يستلم أركانه كلها، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: سويد بن غفلة وجابر بن زيد وعروة بن الزبير؛ فإنهم قالوا: السُنة أن يستلم الأركان كلها، واحتجوا في ذلك بالأثر المذكور، وقال أبو عمر: روي ذلك عن جابر بن عبد اللَّه ومعاوية بن أبي سفيان وأنس بن مالك وعبد اللَّه بن الزبير والحسن والحسين -رضي الله عنهم-، وهم كانوا يستلمون الأركان كلها.

وأخرج البيهقي (١): من حديث ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي الطفيل قال: "حج معاوية -رضي الله عنه- فجعل لا يأتي على ركن من أركان البيت إلَّا استلمه، فقال ابن عباس: إنما كان رسول اللَّه -عليه السلام- يستلم اليماني والحجر، فقال معاوية: ليس من أركانه مهجورًا"، ورواه أبو الشعثاء عن ابن عباس ومعاوية فزاد: "وكان ابن الزبير يستلمهن كلهن" (٢).

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا ينبغي أن يستلم من الأركان في الطواف غير الركنين اليمانيين.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: مجاهدًا وعطاء والحسن والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي ومالكًا وأحمد؛ فإنهم قالوا: السُنة استلام الركنين اليمانيين لا غير، روي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وعمير بن عبيد وعمر بن الخطاب وابنه عبد اللَّه بن عمر -رضي الله عنهم-.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر: "من رسول اللَّه -عليه السلام- لم يكن يمر بهذين الركنين الأسود واليماني إلَّا استلهما في كل طواف ولا يستلم هذين الآخرين".

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم ... فذكر بإسناده مثله.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ٧٦ رقم ٩٠٢٣).
(٢) وذكره البخاري تعليقًا (٢/ ٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>