للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينار، عن أبي الشعثاء أنه قال: "ومن يتقي شيئًا من البيت؟ فكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس: إنه لا يستلم (هذين الركنين) (١)، فقال: ليس شيء من البيت مهجورًا وكان ابن الزبير يستلمهن كلهن".

وأخرج الشافعي في "مسنده" (٢): ثنا سعيد، أنا موسى الربذي، عن محمد بن كعب: "أن ابن عباس كان يمسح على الركن اليماني والحجر، وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها ويقول: لا ينبغي لبيت اللَّه أن يكون شيءٌ منه مهجورًا، وكان ابن عباس يقول: لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة".

قوله: "ومع هذه الآثار" أراد بها أحاديث عبد اللَّه بن عمر وابن عباس.

"من التواتر" أي التكاثر والتظاهر، ولم يرد به التواتر المصطلح عليه.

وأراد "بالأثر الأول" حديث جابر بن عبد اللَّه الذي احتجت به أهل المقالة الأولى.

ص: فكان من الحجة عندنا -والله أعلم- لمن ذهب إلى هذه الآثار أيضًا، على من ذهب إلى ما خالفها: أن الركنين اليمانيين مبنيان على منتهى البيت مما [يليهما] (٣) والآخران ليسا كذلك؛ لأن الحِجْر وراءهما و [هو] (٤) من البيت، وقد أجمعوا أن ما بين الركنين اليمانيين لا يستلم؛ لأنه ليس بركن للبيت، فكان يجيء في النظر أن يكون كذلك الركنان الآخران لا يستلمان؛ لأنهما ليسا بركنين للبيت.

ش: أراد بالحجة الدليل من حيث النظر والقياس، لأهل المقالة الثانية، بيانه: أن ركن البيت إنما يستلم لكونه من منتهى البيت، وليس من أركان البيت على منتهى البيت إلَّا الركنان اليمانيان: الركن اليماني والركن الأسود، وأما الركنان الآخران فليسا كذلك؛ لأن الحِجْر وراءهما، وهما في نفس البيت وليسا على منتهى البيت، وقد أجمعوا على أن ما بين الركنين اليمانيين لا يستلم لكونه ليس بركن للبيت،


(١) هكذا في "الأصل، ك"، وفي "صحيح البخاري": "هذان الركنان".
(٢) "مسند الشافعي" (١/ ١٢٧).
(٣) في "الأصل، ك": "يليها"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٤) في "الأصل، ك": "وهما"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>