للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس وشغفوا بها، وقد قال المفسرون في قوله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} (١) أي علقها، وأما اللفظة الثانية في رواية مسلم أيضًا "أو تشعبت" فهي بالعين المهملة بعدها الباء الموحدة، قال القاضي: وكذا رويناه عن الأسدي والتميمي من شيوخنا، وعند غيرهما: أو تشغبت بالغين المعجمة، وقد ذكر أبو عُبيد هذا الحديث بهذا الحرف من غير شك، وذكر الخلاف بهذين الوجهين في العين والغين عن رواية وأخبار: هو بالعين المهملة، ومعنى هذا على رواية العين المهملة: فرقت الناس، أو فرقت مذاهب الناس، وبالمعجمة من التشغيب أي: خلطت عليهم أمرهم.

قوله: "وإن رغمتم" أي وإن كرهتم هذا الأمر، فإنه سُنة نبيكم -عليه السلام-، من رَغَم يَرْغَمُ من باب عَلِمَ يَعْلَمُ، ورَغَمَ يَرْغَمُ من باب فَتَحَ يَفْتَحُ رَغْمًا ورِغْمًا ورُغْمًا، وأرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب، هذا هو الأصل، ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره.

ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار (ح).

وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد (ح).

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود: ثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب يحدث، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "قدمت على رسول الله -عليه السلام- وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: بما أهللت؟ قال: قلت: إهلال كإهلال النبي -عليه السلام- فقال رسول الله -عليه السلام-: أحسنت، طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل، ففعلت فأتيت امرأة من قيس، فقلت رأسي، فكنت أفتي الناس بذلك حتى كان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال لي رجل: يا عبد الله بن قيس، رُوَيْد بعض فتياك؛ إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك، فقلت: يا أيها الناس، من كنا أفتيناه فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم فيه فائتموا، فلما قدم عمر -رضي الله عنه- أتيته فذكرت له، فقال لي عمر -رضي الله عنه-: إن تأخذ بكتاب الله فإن


(١) سورة يوسف، آية: [٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>