ورسول الله -عليه السلام- بين أظهرن، عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، ما عمل من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد، وأهل الناس بهذا الذي تهلون به، لم يرُد رسول الله -عليه السلام- عليهم شيئًا، ولزم رسول الله -عليه السلام- تلبيته -قال جابر: لسنا ننوي إلَّا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا كنا آخر طواف على المروة قال: إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة، فحل الناس وقصروا إلَّا النبي -عليه السلام- ومن كان معه الهدي، فقام سراقة بن مالك فقال: يا رسول الله عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: فشبك رسول الله -عليه السلام- أصابعه في الأخرى فقال: دخلت العمرة هكذا في الحج مرتين، فحل الناس كلهم وقصروا إلَّا النبي -عليه السلام- ومن كان معه هدي".
وقول سراقة هذا للنبي -عليه السلام- وجواب النبي -عليه السلام- إياه يحتمل أن يكون أراد به: عمرتنا هذه في أشهر الحج للأبد أو لعامنا هذا؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة فيما مضى في أشهر الحج، ويعدون ذلك من أفجر الفجور، فأجابه رسول الله -عليه السلام- فقال: هي للأبد.
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد ... فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر سؤال سراقة ولا جواب النبي -عليه السلام- إياه.
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن جابر قال: "قدم رسول الله -عليه السلام- مكة لأربع خلون من ذي الحجة، فلما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، قال رسول الله -عليه السلام-: اجعلوها عمرة، فلما كان يوم التروية لبُّوا، فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عمرو ابن دينار عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: "قدمنا مع رسول الله -عليه السلام- مكة صبيحة رابعة، فأمرنا أن نحل، فقلنا: أي حل يا رسول الله؟ قال: الحل كله، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل الذي تصنعون".