للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد حديث رواه الييهقي (١): "أن رسول الله -عليه السلام- كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى".

فإن قيل: ما تقول في الحديث الذي أخرجه البيهقي (٢) عن عائشة: "أن رسول الله -عليه السلام- أذن لأصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهرة، وزار رسول الله -عليه السلام- مع نسائه ليلاً؟ ".

قلت: هذا حديث غريب جدًّا، وهذا قول طاوس وعروة بن الزبير: "أن رسول الله -عليه السلام- أخَّر الطواف يوم النحر إلى الليل".

والصحيح من الروايات، وعليه الجمهور أنه -عليه السلام- طاف يوم النحر بالنهار، والأشبه أنه كان قبل الزوال، ويحتمل أن يكون بعده.

والحديث الذي أخرجه الطحاوي، من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، المذكور آنفًا يدل على أن ذهابه -عليه السلام- إلى مكة كان يوم النحر بعد الزوال، وهذا ينافي حديث ابن عمر قطعًا، وفي منافاته لحديث جابر نظر. فافهم.

فإن قيل: يرد على حديث جابر شيء آخر، وهو أنه قد ثبت أنه -عليه السلام- رمى جمرة العقبة بسبع حصيات ثم جاء فنحر بيده ثلاثًا وستين بدنة، ونحر علي -رضي الله عنه- بقية المائة، ثم أخِذ من كل بدنة بضعةً ووضعت في قدر وطبخت حتى نضجت، فأكل من ذلك وشرب من مرقه، وفي عيون ذلك حلق رأسه ولبس وتطيب، وخطب في هذا اليوم خطبة عظيمة".

فكيف يمكن أن يعود إلى منى في وقت الظهر ويصلي الظهر في منى؟! على أن عائشة أخبرت في الحديث الذي أخرجه الطحاوي من طريق محمد بن


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ١٤٦ رقم ٩٤٣٣).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ٤٨ رقم ٨٨٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>