فعلم المسلمون بذلك أن الوقت الذي رمى رسول الله -عليه السلام- فيه الجمار هو وقتها، فأردنا أن ننظر هل رخَّص للضعفة في الرمي قبل ذلك أم لا؟.
فوجدناه -عليه السلام- قد تقدم إلى ضعفة بني هاشم حين قدمهم إلى منى:"أن لا ترموا الجمرة إلاَّ بعد طلوع الشمس".
فعلمنا كذلك أن الضعفة لم يرخص لهم في ذلك أن يتقدموا غير الضعفة، وأن وقت رميهم جميعًا وقت واحد، وهو بعد طلوع الشمس، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أشار بهذا إلى نفي صحة استدلال أهل المقالة الأولى بحديث أم سلمة فيما ذهبوا إليه من جواز رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر من وجه آخر، وهو أن المسلمين قد علموا وقت رمي جمرة العقبة أنه يوم النحر بفعل رسول الله -عليه السلام- على ما بينه حديث جابر، فبقي الكلام في الضعفة، هل يرخصون فيه قبل أم لا؟ فوجدنا النبي -عليه السلام- قد تقدم إلى ضعفة بني هاشم حين قدَّمهم إلى منى:"ألَّا ترموا الجمرة إلاَّ بعد طلوع الشمس" على ما روي في حديث ابن عباس المذكور في الباب الذي قدمه.
فعلم بذلك أن وقت الرمي بعد طلوع الشمس في حق الكل.
ثم إنه أخرج حديث جابر من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الملك بن جريج، عن أبي الزبير محمد بن مسلم، عن جابر، وهؤلاء كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه الجماعة غير البخاري فقال مسلم (١): ثنا أبو بكر بن شيبة، قال: ثنا خالد الأحمر وابن إدريس، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه- قال:"رمى رسول الله -عليه السلام- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس".