وقال أبو الوليد بن رشد: يحتمل أن يكون في الحديث تقديم وتأخير، وتقديره: أمرها يوم النحر أن توافي صلاة الصبح بمكة. فيسقط احتجاج الشافعي به لمذهبه الذي شذ فيه عن الجمهور.
وقال ابن المنذر في "الإِشراف": لا يجزئ الرمي قبل طلوع الفجر بحال إذْ فاعله مخالف ما سنه الرسول -عليه السلام- لأمته، ولو رمى بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس لا يعيد، إذ لا أعلم أحدًا قال يجزئه ولو اختلفوا فيه لأوجبت الإِعادة.
قوله:"فجئت إلى يحيى بن سعيد" أي قال أحمد: جئت إلى يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي البصري الأحول الحافظ، "فسألته" أي عن الحديث المذكور، فقال: عن هشام، عن أبيه:"أن النبي -عليه السلام- أمرها أن توافي" وليس توافيه، أراد لفظ الحديث "أن توافي" بدون الضمير المنصوب فيه وليس لفظه أن توافيه بالضمير المنصوب الذي يرجع إلى النبي -عليه السلام-، لأنه إذا كان بالضمير؛ يلزم أن يكون النبي -عليه السلام- بمكة يوم النحر وقت صلاة الصبح وهذا لم يكن، ولأجل هذا قال يحيى بن سعيد:"وبين هذين فرق" أي بين قوله "توافي" وقوله "توافيه" وعن هذا قال البيهقي في كتابه "الخلافيات": "توافي" هو الصحيح فإنه -عليه السلام- لم يكن معها بمكة وقت صلاة الصبح يوم النحر.
قوله:"يوم النحر صلاة الصبح" يتعلق بقوله: "أمرها أن توافي"؛ لأن قوله:"يوم النحر" ظرف لقوله: "توافي" وقوله: "وليس توافيه" وقوله: "قال وبين هذين فرق"، كلها جمل معترضة بينها فافهم.
قوله:"قال: وقال لي يحيى: سل عبد الرحمن بن مهدي" أي قال أحمد: قال لي يحيى بن سعيد المذكور: سل عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري اللؤلؤي البصري، يعني عن هذا الحديث، فقال: هكذا عن سفيان الثوري، عن هشام، عن أبيه "توافى" يعني بدون الضمير المنصوب.