وأخرج الطبراني في "الكبير"(١): ثنا علي بن عبد العزيز، نا أبو نعيم، ثنا مسعر، عن عاصم، عن شقيق بن سلمة قال:"لبى ابن مسعود حتى رمي الجمرة".
ص: ففي هذه الآثار أن عمر -رضي الله عنه- كان يلبي بعرفة وهو على المنبر، وأن عبد الله بن الزبير فعل ذلك من بعده لما أخبره الأسود عن عمر، ولم ينكر ذلك أحد من أهل الآفاق، فدلك إجماع وحجة، وهذا عبد الله بن مسعود قد فعل ذلك، فثبت بفعل من ذكرنا لموافقتهم رسول الله -عليه السلام- في فعله ذلك أن التلبية في الحج لا تنقطع حتى يرمي جمرة العقبة، وهو قول أبي حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: حاصل ذلك: أن الإِجماع من الصحابة والتابعين قد وقع على أن التلبية لا تنقطع إلا مع رمي جمرة العقبة، إما مع أول حصاة أو بعد تمامها على الاختلاف الذي ذكرناه، ودليل الإِجماع: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لبى بعرفة وهو على المنبر بحضور ملإٍ من الصحابة وغيرهم فلم ينكر عليه أحد منهم بذلك، وكذلك عبد الله بن الزبير لبى على المنبر بعرفة بعد أن أخبره الأسود بن يزيد، ولم ينكر عليه أحد ممن كانوا هناك من أهل الآفاق من الشام والعراق واليمن ومصر وغيرها، فصار ذلك إجماعًا لا يخالف فيه، والله تعالى أعلم.