ش: أي فكان من الحجة على هؤلاء القوم، وأراد بها الجواب عما احتجوا به من حديث أبي أسماء في جواز نحر الهدي في غير الحرم، وهو ظاهر، وقال الجصاص في جواب هذا قريبًا مما قاله الطحاوي، وهو أنه ليس فيه دلالة على أنه يأتي جواز الذبح في غيى الحرم، لأنه يجوز أن يكون جعل اللحم صدقة، وذلك جائز عندنا، وذكر الإِشبيلي في شرح "الموطأ": إن هذا الذي نحره علي -رضي الله عنه- كان فدية الأذى، وفدية الأذى يجوز ذبحها بكل موضع؛ لأنها نسك كالأضحية والعقيقة وليست بهدي فيكون لها تعلق بالبيت، ولا تقلد ولا تشعر ولا تحتاج أن يجمع لها بين الحل والحرم ولا يجوز أن يدعى أن البعير الذي نحر عنه ليتحلل بذلك الموضع، لوجوه أحدهما: أن أبا حنيفة الذي يبيح التحلل في موضع المرض لا يرى أن ينحر الهدي إلاَّ بمكة، والشافعي الذي يرى التحلل بالشرط ويرى أن ينحر [الهدي](١) حيث يحل، لا يمكنه أن يعلم أنه اشترط التحلل، ولا علمنا أن أحدًا عمل به، وقال الزهري: لم يقل أحد بالشرط، ولو سلم له هذا فإن عليًّا اشترى ما نحر حيث نحره، روى ذلك حماد بن زيد، ولم يقلده ولا أشعره، فلم يكن هديًا ساقه وإنما كان دم فدية أذى واختار إخراج الأفضل، وكانت الشاة تجزئه، وكان حسين -رضي الله عنه- خرج مع عثمان يريد الحج، ومرض بالعرج فتحامل، فلما بلغ السقيا اشتد به المرض، فمضى عثمان وتركه بالسقيا.
قوله:"ما حمله عليه" في الموضعين فاعل لقوله "يجوز" في الموضعين، فافهم.