إحرام الحج، وهو قول عائشة وابن عمر، وقال زفر: إذا بدأ بالحج فأحرم به وهو يريد أن يضيف إليه عمرة، فصام قبل إحرام العمرة أجزأه. وقال أبو يوسف: إن بدأ بإحرام العمرة فصام قبل إحرام الحج أجزأه، وإن بدأ بإحرام الحج فصام قبل إحرام العمرة لم يجزئه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس لهؤلاء ولا لغيرهم من الناس أن يصوموا هذه الأيام عن شيء من ذلك ولا عن شيء من الكفارات ولا في تطوع، لنهي النبي -عليه السلام- عن ذلك، ولكن على المتمتع والقارن الهدي لمتعتهما وقرانهما، وهدي آخر لأنهما حلّا بغير الهدي ولا صوم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح في رواية، وسعيد بن جبير وطاوسًا وإبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد وأحمد في رواية؛ فإنهم قالوا: المتمتع أو القارن إذا فاته صوم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر لا يجوز له الصوم بعد ذلك، وعليه الدم، وأما الصوم في أيام التشريق فلا يجوز أصلاً لا للمتمتع ولا للقارن ولا لمن عليه كفارة ولا لمن يتطوع به، وهو قول عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس -رضي الله عنه-.
ص: واحتجوا في ذلك من الآثار المروية عن رسول الله -عليه السلام- بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع، عن جبير، عن بشر بن سحيم الأسلمي، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال:"خرج منادي رسول الله -عليه السلام- في أيام التشريق فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب".
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه من الأحاديث المروية عن النبي -عليه السلام- بما حدثنا ... إلى آخره، والباء فيه تتعلق بقوله:"احتجوا" وكلمة "من" في قوله: "من الأحاديث" بيانية.