ومحمد بن سليم لم يكن ممن يعتمد عليه، وتابعه على ذلك بهذا الإِسناد الوليد بن مسلم ويحيى الوحاظي، ومع هذا فإنه لا يحفظ عن مالك في هذا [الإِسناد](١) إلاَّ المغفر، وروى جماعة منهم بشر بن عمر الزهراني ومنصور بن سلمة الخزاعي حديث المغفر فقالا:"مغفر من حديد".
ومنصور وبشر ثقتان وتابعهما على ذلك جماعة ليسوا هناك، وكذا رواه أبو عُبيد بن سلام، عن ابن بكير، عن مالك، ورواه روح بن عبادة، عن مالك بإسناده هذا، وفيه زيادة:"وطاف وعليه المغفر". ولم يقله غيره، ورواه عبد الله بن جعفر المديني، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، قال:"دخل رسول الله -عليه السلام- يوم الفتح وعل رأسه مغفر، واستلم الحجر بمحجن". وهذا لم يقله عن مالك غير عبد الله بن جعفر، وروى داود بن الزبرقان، عن معمر ومالك جميعًا عن ابن شهاب، عن أنس:"أن رسول الله -عليه السلام- دخل عام الفتح مكة في رمضان وليس بصائم".
وهذا اللفظ ليس بمحفوظ بهذا الإِسناد لمالك إلاَّ من هذا الوجه، وقد روى سويد بن سعيد، عن مالك، عن ابن شهاب عن أنس:"أن رسول الله -عليه السلام- دخل مكة عام الفتح غير محرم". وتابعه على ذلك عن مالك إبراهيم بن علي المغربي وهذا لا يعرف هكذا إلاَّ بهما وإنما هو في الموطأ عند جماعة الرواة من قول ابن شهاب لم يرفعه إلى أنس.
قوله:"مغفر" بكسر الميم، قال أبو عمر: المغفر ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها، من حديد كان ذلك أو غيره.
وقال في "الدستور": المغفر ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة والخوذة. وقال ابن سيده: المغفر والمغفرة والغفارة زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس مثل
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "التمهيد" (٦/ ١٧١).