للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أعرابي بوال" أراد به نسبته إلى الجهل، ومعناه جاهل بالسُّنَّة، والأعرابي: البدوي، والغالب على أهل البادية الجهل، وأراد عمرو بن دينار بهذا الكلام الطعن في حديث زيد بن الأصم، حيث قال: إن النبي -عليه السلام- نكح ميمونة وهو حلال، وهو يخالف ما قال ابن عباس: "إن النبي -عليه السلام- تزوجها وهو محرم".

فإن قيل: قال البيهقي: هذا الذي قاله عمرو بن دينار لا يوجب طعنًا في روايته، ولو كان مطعونًا من الرواية لما احتج به ابن شهاب الزهري، وإنما قصد ابن دينار بما قال ترجيح رواية ابن عباس على رواية يزيد بن الأصم، والزجيح يقع بما قال عمرو لو كان يزيد يقوله مرسلًا كما [كان] (١) ابن عباس يقوله مرسلًا إذ لم يشهد عمرة القضية كما لم يشهدها يزيد بن الأصم، إلا أن يزيد إنما رواه عن ميمونة وهي صاحبة الأمر فهي أعلم بأمرها من غيرها.

أنا أبو عبد الله الحافظ (٢)، قال: أخبرني عبد الله بن أحمد النسوي، قال: ثنا الحسن بن سفيان، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا جرير بن حازم، قال: ثنا أبو فزارة، عن يزيد بن الأصم، قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث: "أن رسول الله -عليه السلام- تزوجها وهي حلال، قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس".

وأخرجه مسلم في "الصحيح" (٣): عن أبي بكر بن أبي شيبة.

وكذلك رواه ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة موصولاً، وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمونة مرسلًا؛ فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان، ومعه الوليد بن زروان، كلاهما عن ميمون بن مهران موصولاً، ومع روايتهما عن ميمون رواية أبي فزارة عن يزيد موصولاً، وكل بحمد الله ثقة، فلا يبقى لك طعن في رواية الثقات.


(١) في "الأصل، ك": "قال"، والمثبت من "معرفة السنن والآثار".
(٢) "السنن الكبرى" للبيهقي (٥/ ٦٦ رقم ٨٩٤٠).
(٣) "صحيح مسلم" (٢/ ١٠٣٢ رقم ١٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>