قوله:"بقَيْنَة". بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون، وهي الأمَة سواء كانت مغنية أو لا، وكثيرًا ما تطلق على المغنيات من الإِماء، وجمعها قيان وقينات.
ص: ففي هذه الآثار أيضاً ما يدل على أن العزل غير مكروه؛ لأن رسول الله -عليه السلام- لما أخبروه أنهم يفعلونه لم ينكر ذلك عليهم ولم ينههم عنه، وقال:"لا عليكم ألَّا تفعلوه، فإنما هو القدر" أي فإن الله إذا كان قد قدَّر أنه يكون له ولدٌ كان ذلك الولد ولم يمنعه عزل ولا غيره؛ لأنه قد يكون مع العزل إفضاء بقليل الماء الذي قد قدّر الله -عز وجل- أن يكون منه ولد، فيكون منه ولد ويكون ما بقي من الماء الذي تمتنعون من الإِفضاء به بالعزل فضلاً، وقد يكون الله -عز وجل- قد قدَّر ألَّا يكون من ماءِ ولدٌ فيكون الإِفضاء بذلك الماء والعزل سواء في ألَّا يكون منه ولد، فكان الإِفضاء بالماء لا يكون [منه](١) ولد إلاَّ بأن يكون في تقدير الله تعالى أن يكون في ذلك الماء ولدٌ، فيكون كما قدَّر وكان العزل إذا كان قد تقدم في تقدير الله -عز وجل- أن يكون من ذلك الماء الذي يُعزل ولدٌ أوصل الله -عز وجل- إلى الرحم منه شيئًا وإن قلّ فيكون منه الولد، فأعلمهم رسول الله -عليه السلام- أن الإِفضاء لا يكون منه ولدٌ إلاَّ أن يكون قد سبق في تقدير الله -عز وجل- وأن العزل لا يمنع أن يكون ولدٌ إذا كان سبق في علم الله أنه كائن، ولم ينههم في جملة ذلك عن العزل.
ش: أشار بهذه الآثار إلى الأحاديث التي رواها عن أبي سعيد الخدري بعدة طرق، وأبي سعد الزوفي، وجرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنهم-. وباقي الكلام ظاهر.
ص: ثم قد روي عن رسول الله -عليه السلام- في إباحته أيضًا ما قد حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسدٌ، قال: ثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر -رضي الله عنه- قال: "أتى النبي -عليه السلام- رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله إن لي جاريةً تستقي على ناضح لي، وأنا أصيب منها فأعزل؟ فقال له رسول الله -عليه السلام-: نعم
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".