عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت:"ما لفاطمة، ألا تتقي الله -تعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة".
قوله:"فهذه عائشة ... " إلى آخره أراد أن عائشة -رضي الله عنها- أيضًا لم تر العمل بحديث فاطمة بنت قيس؛ لأن قولها هذا على سبيل الإنكار عليها كما كان عمر وأسامة -رضي الله عنها- لم يريا العمل به.
وقال القاضي إسماعيل: وإذا كان هذا الإنكار كله وقع في حديث فاطمة بنت قيس، فكيف يجعل أصلاً؟!
ص: وقد صرف ذلك سعيد بن المسيب إلى خلاف المعنى الذي صرفه إليه أهل المقالة الأولى:
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه قال:"قلت لسعيد بن المسيب: أين تعتد المطلقة ثلاثًا؟ فقال: في بيتها، فقلت له: أليس قد أمر رسول الله -عليه السلام- فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، فقال: تلك امرأة أفتنت الناس واستطالت على أحمائها بلسانها، فأمرها رسول الله -عليه السلام- أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وكان رجلاً مكفوف البصر".
فكان ما روت فاطمة بنت قيس عن رسول الله -عليه السلام- من قولها:"لا سكنى لك ولانفقة" لا دليل فيه عند سعيد بن المسيب أن لا نفقة للمطلقة ثلاثًا ولا سكنى؛ إذ كان قد صرف ذلك إلى المعنى الذي ذكرناه عنه.
ش: أي قد صرف معنى حديث فاطمة بنت قيس سعيدُ بن المسيب إلى خلاف المعنى الذي صرفه إليه أهل المقالة الأولى الذين قالوا: لا نفقة ولا سكنى للمطلقة ثلاثًا. حاصل ذلك: أن سعيد بن المسيب أيضًا لم يعمل بحديث فاطمة، ألا ترى أنه قال: تعتد في بيتها حين سأله ميمون بن مهران الجزري؟