للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال آخرون: إن الفاحشة المبينة أن تزني فتخرج ليقام عليها الحد، فمن جعل لك أن تثبت ما روي عن ابن عباس في تأويل هذه الآية، وتحتج به على مخالفك وتدع ما قال ابن عمر؟!

ش: أي قيل لهذا المخالف، وأراد به الجواب عن ما قاله الشافعي وهو ظاهر.

وأبين من ذلك ما قال الطحاوي في كتابه "الأحكام": فأما ما ذهب إليه الشافعي من إبطال النفقة على فاطمة؛ لأنها كانت غير ذات حمل فإنما تأول ذلك في حديثها ولم نجده منصوصًا وقد تأوله غيره على غير ما تأوله عليه، فتأوله على أنها إنما منعت بالبذاء الذي كان فيها الواجب به عليها الخروج من منزلها، وصار ذلك بالخروج الذي لزمها بالعمل الذي كان منها نشوزًا، فحرمت النفقة بذلك النشوز، كما نقول في المطلقة المستحقة للنفقة إذا نشزت بالخروج من منزل زوجها: لم يكن لها عليه نفقة ما كانت كذلك.

فلم يكن أحد التأويلن اللذين ذكرناهما في حديث فاطمة أولى من الآخر به.

ثم عدنا إلى النفقة على المطلقات الحوامل اللاتي لا رجعة عليهن لمن طلقهن فقال: قائلون من أهل العلم: أمره -عز وجل- إلى أولات الأحمال بالإنفاق عليهن إذ كُنَّ كذلك؛ دليل على أنهن إذا لم يَكُنَّ كذلك فلا نفقة لهن.

فإن قيل: قول الطحاوي: فإنما ذلك تأويل في حديثها ولم نجده منصوصًا؛ فيه نظر؛ لأن عبد الرازق روى في "مصنفه " (١): عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: لا أرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة بنت قيس يسألها، فأخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص المخزومي ... " فذكر الحديث، "وأنه طلقها ثلاث تطليقات إذ خرج إلى اليمن مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وأن عياش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام قالا: والله ما


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٧/ ٢٠ رقم ١٢٠٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>